قوله جلّ ذكره: {وجآءوا أَبَاهُمْ عِشَآءً يَبْكُونَ}.تمكينُ الكذَّاب من البكاء سِمَةُ خذلان الله تعالى إياه، وفي الخبر: «إذا كَمُلَ نفاقُ المرء مَلَكَ عَيْنَه حتى يبكي ما شاء».ويقال: لا يَبْعُدُ أَنْ يقال إنهم وإنْ جَنَوْا على يوسف عليه السلام فقد ندموا على ما فعلوا، فَعَلاَهُمْ البكاءُ لنَدمهم- وإن لم يُظْهروا لأبيهم- وتَقَوَّلُوا على الذِّئبِ.قوله جلّ ذكره: {وجآءوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ}.لم يُؤثِّرْ تزويرُ قَالَبِهم في إيجاب تصديق يعقوب- عليه السلام- لكذبهم بل أخبره قلبُه أَنَّ الأمرَ بخلاف ما يقولونه فقال: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرَاً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ}.فَعلم على الجملة وإنْ لم يعلمْ على التفضيل وهكذا تقرع قلوبَ الصديقين عواقبُ الأمور على وجه الإجمال، إلى أنْ تَتَّضحَ لهم تفاصيلُها في المستأنف.ويقال عوقبوا على ما فعلوه بأن أُغفلوا عن تمزيق قميصه حتى عَلم يعقوب تَقَوُّلَهم فيما وصفوا.